من طرف سعيد عجيمي 2010-12-26, 22:53
قبل أن نتطرق إلي التعريف بقبيلة ربيعه العربية و علاقتها ببلادنا أرجو أن أوضح أن التحقيق في أصول الأنساب والبحث في هذا الشأن علم قديم قائم بذاته له أصوله وقوانينه وقد كان سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه من المشتغلين بهذا العلم في الجاهلية والإسلام ....ولقد أتفق كافة المشتغلين بهذا العلم علي من يريد التحقق ثبوت النسب واعتماده لابد من مراعاة المبادئ والعوامل التالية ...
1.الشهادة.....تعني أن هناك من يشهد بتسلسل نسب الأسرة أو القبيلة وهنا يجب التحري عن الشهود هل هم معروفين ومشهورين ومشهود لهم بالأمانة والصدق والمعرفة .
2. الخبر...معناه السماع... والخبر لا يثبت النسب ولكن يستأنس به في الإثبات وكذلك خبر الآحاد لا يفيد اليقين ويحتمل الصدق أو الكذب..فلا يقين مع الاحتمال ..كما أن خبر الآحاد لا يفيد إلا الظن ..والتشكيك...فالباحث لا يلجا إلي.... ربما ويحتمل ويبدو....فكلها لا يصح الاعتماد عليها .
3.الرواية الشعبية ...وهي لا توجد من فراغ بل علي أساس تناقلها من جيل إلي جيل , والرواية الشعبية من الممكن الاستئناس بها وهي ليست دليل قاطع .
4الاستفاضه...ومعناها أن يشتهر الخبر عند الناس فيتناقلونه ,والاستفاضة في الأخبار من جملة الطرق الشرعية التي تفيد صدق الخبر مثلا معرفة ان فلان بن فلان من العائلة الفلانيه . وتعتبر الاستفاضة احدي طرق الشهادة ولكنها آخرها منزله .
5. الشهرة .. وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يثبت بالشهرة النسب والموت والنكاح وقد أجمع أهل العلم علي صحة الشهادة بها..والشهرة هي قيام جماعة من الناس بتداول الأخبار عليها متفقين دون وجود مجال للكذب ..والشهرة ليست ادعاء لأن الذين يتداولون الأخبار هم الناس وليس من ادعي ..والشهرة لا تبني علي الادعاء فالادعاء يحتاج إلي أدله من بينها الشهرة ملازمه للأستفاضه وقرينه للتواتر .
6. التواتر ...وهي رواية الكافة عن الكافة أو رواية الجمع عن الجمع بمعني كثرة الشهود ..بحيث ينعدم التواطوء علي الكذب وأن يتفق الشهود جميعا علي صحة تسلسل النسب
في أوله و وسطه وآخره, ثم يروي عن الشهود جمع آخر من الشهود حتى يصل الخبر .
فالتواتر هو أقوي الأدلة علي الإطلاق بل هو أقوي من الوثائق التي تتعرض إلي أخطاء النقل والطباعة.
يتضح لنا مما ذكر أعلاه أن التواتر واالشهره والأستفاضه هي من أعلي الوسائل أهمية علي التوالي للتحقق من أركان صحة النسب ثم يأتي بعدهم في الأهمية بقية العوامل ....والله أعلم
قبيلة ربيعه العدنانية
وتنتسب إلي ربيعه بن نزار بن معد بن عدنان في الجاهلية ...وهي قبيلة عظيمة القدر في الجزيرة العربية وتتواجد بشكل أساسي في منطقة اليمامة ونجد و خيبر . ولها فروع كثيرة
وعند فتح مصر عام 21هجري كان لديهم أكثر من عشرين فرعا ألتحق بجيش الفتح بقيادة عمرو بن العاص وكان ذلك في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب كما كان من ضمن فروع ربيعه التي التحقت بجيش الفتح الإسلامي فرع عنزة بن وائل بن قاسط المنتمي إلي ربيعه...كما كان فرع عنزة من ضمن جيش عبد الله بن أبي السرح لفتح بلاد النوبة عام 31هجري (والذي يوافق652 ميلادي ) في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه .والمعروف أن بلاد النوبة هي (دولة المقرة المسيحية وكانت حدودها من أسوان وحتى الشلال الخامس وعاصمتها كانت دنقلا العجوز مكان الغدار حاليا )...
يجب أن نذكر أن حملة بن أبي السرح لم تتمكن من فتح بلاد النوبة حيث دافع النوبة عن بلادهم دفاعا شديدا و أحدثوا خسائر شديدة في جيوش المسلمين وكانوا بارعين في رمي السهام حتى سماهم المسلمين برماة الحدق ...تمت مصالحه وعهد سمي باتفاقية البقط
يقوم فيها كل جانب بأشياء معينه وما يهم هنا البند الذي يقول بأن لا يسمح للعرب الأقامه ببلاد النوبة بل يسمح لهم بعبورها واجتيازها وقد تم تنفيذ هذا الشرط حتى اهتداء أول ملك نوبي للإسلام ويدعي عبد الله برشمبو في عام717 هجري الموافق1317 ميلادي وذلك بعد ما يقارب سبعمائة عام من عهد عبد الله بن أبي السرح .
خلاصة ما ذكر أعلاه ومع أتفاق المؤرخين ومنهم المسعودي بأن تواجد العرب في بلاد النوبة طيلة السبعمائة عام كان غير موجود وانحصر وجودهم خاصة قبيلة ربيعة و جهينة في صعيد مصر و في بلاد البجه حيث مناجم الذهب في منطقة العلاقي ..ونذكر في عام238 هجري الموافق 851 ميلادي في عهد الخليفة العباسي المعتصم قامت حملة لغزو بلاد البجه بقيادة القمي وقد كانت بها أعداد كبيره من قبيلة ربيعة وفرعها عنزة وكان لهم تواجد في مناجم الذهب ..
ماذا حدث بعد اهتداء أول ملك نوبي مسلم عام 717 هجري__1317 ميلادي
يجمع المؤرخين أن الباب قد انفتح لأقامه العرب في بلاد النوبة ثم اختلطوا بالنوبة ونشروا الإسلام..ثم شيئا فشيئا انهارت مملكة المقرة النوبية وانقسمت إلي أقسام صغيره في شكل ممالك ومشيخات وتنوب العرب الذين اختلطوا بالتزاوج مع النوبة وصاروا يتداولون اللغة النوبية وتعرب النوبة لنفس هذا العامل وأسلموا طوعا مع احتفاظهم بلغتهم النوبية . (وكان بداية ذلك في عصر المماليك
ولكن ماذا عن الكنوز..؟؟؟؟؟
أجمع المؤرخون خاصة من أرخوا لبلاد النوبة مثل المسعودي في مروج الذهب و المقريزي في الخطط والأب فانتيني القس الإيطالي في كتابه تاريخ الممالك النوبية المسيحية...اتفقوا علي أن الكنوز بطن من قبيلة ربيعة العربية والتي استقرت في منطقة أسوان ...اندمجت منذ وقت بعيد وقبل سقوط المقرة مع النوبيين في قري الإقليم بالمصاهرة فانتشرت اللغة العربية وأطلق علي هذا الإقليم منطقة الكنوز نسبة إليهم....ونتيجة لهذا التمازج والاختلاط آل ملك النوبة إليهم عن طريق عادة النوبة في توريث الملك إلي ابن الأخت...وذلك في الفترة من1318 ميلادي وحتى العام 1412 بعد هزيمتهم بواسطة قبائل الغربية و الهواره القادمين من مناطق البربر في الصحراء الغربية ....وقبيلة الكنوز الحالية تنسب إلي قبائل النوبة النيلية ويتواجد جزء كبير منهم في الإقليم المصري في أسوان وأبريم وجزء في وادي حلفا في السودان وهم مثل السكوت والمحس مزيج من الدم العربي القديم مع الأصول النوبية المحافظة علي لغتها ورطانتها وتراثها برغم إسلامها.
ملخص القول ان قبيلة ربيعه وفرعها الذي سمي فيما بعد بالكنوز كان تواجدهم واستقرارهم في صعيد مصر ومنطقة أسوان حيث شيدوا ممالك حدثنا عنها المؤرخين في منطقة الشلال الأول فيما عرف عند المؤرخين العرب ببلاد المريس في النوبة السفلي...وفي عهد الخلافة العباسية زمن الخليفة المعتصم دخلت أعداد كبيره منهم إقليم البجه واستقروا هناك وخالطوا الأهالي وتمازجوا معهم وعملوا في مناجم الذهب في وادي العلاقي...
يتبع الجزء الثاني وفيه أن البديريه الدهمشيه الجعليه العباسية,,,ينتمي إليها الشاطراب وإخوانهم في منطقة منحني النيل الشمالي ولا علاقة لهم بقبيلة ربيعه أو الكنوز...وأنا آسف للإيجاز نسبة لظروف استخدام الكمبيوتر ومقدرتي المحدودة في التعامل معه.
مراجع هذا البحث المختصر:
1.دور القبائل العربية في صعيد مصر للدكتور منيب إبراهيم فقير
2. مروج الذهب الجزء 2 للمسعودي
3.الخطط ، للمقريزي الجزء الأول
4. تاريخ الممالك النوبية المسيحية في شمال السودان ،للأب ج . فانتيني
5.موقع أنساب ربيعه_ الشبكة العنكبوتيه